ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّة...

للعلم قيمة كبرى في الحياة الإنسانية

12:00 - May 30, 2023
رمز الخبر: 3491366
بيروت ـ إکنا: إن للعلم قيمة كبرى في الحياة الإنسانية، به ينفتح الإنسان على الحياة، فيتعرف على أسرارها، ويفهم قواعدها، وبه يفهم الطبيعة ويتعرف على قوانينها وأنظمتها، وبه يتمكن من اكتشاف ما تكتنز من ثروات، وبه يتمكن من تسخيرها لتكون في خدمته، وبه يتطور ويتقدم فيها، وبه يُبدع ويخلق.

رُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "بِالْعِلْمِ تَكُونُ الْحَيـاةُ".

لا تُشادُ الحياة ولا تُبنى إلا بالعلم، العلم حياة، والجهل مَوت، حيث يكون العلم تكون الحياة ويكون النُّمُوّ والتطور والتقدم والارتقاء، وحيث يكون الجهل يكون التخلُّف والتراجع والتقهقر والسقوط.

والفرق عظيم بين العالِم والجاهل، والمسافة بينهما هي المسافة بين الثرى والثريا، والمسافة بين الوعي واللا وعي، والمسافة بين من يتقدم ومن يتقهقر، والمسافة بين الحياة والموت.

فالعلم يُحيي، والجهل يُميت، العالِم يبني والجاهل يدمر، وهذا أمر يُدرَك بالوجدان، ولا ينكره عاقل، قال تعالى: "... قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ"﴿9/ الزُّمُر﴾.

إن الآية الكريمة تبدأ باستفهام استنكاري تتوجه به إلى كل العقلاء الذين يُمَيِّزون بين العلم والجهل، وبين العالم وغير العالم، فيرفعون منزلة العلم والعلماء إلى مراتب عالية من السمو والرفعة، وينظرون إلى الجهل والجاهلين نظرة احتقار واستخفاف، والله سبحانه يُقَرِّر هذه الحقيقة ويؤكد عليها، ويكتفي بذلك فلا يشير إلى ما يمتاز به العلم وعن الجهل، والعالم عن غير العالم لأنه معلوم للعقلاء.

إن للعلم قيمة كبرى في الحياة الإنسانية، به ينفتح الإنسان على الحياة، فيتعرف على أسرارها، ويفهم قواعدها، وبه يفهم الطبيعة ويتعرف على قوانينها وأنظمتها، وبه يتمكن من اكتشاف ما تكتنز من ثروات، وبه يتمكن من تسخيرها لتكون في خدمته، وبه يتطور ويتقدم فيها، وبه يُبدع ويخلق.

وإذاً فلا يستوي الذين يملكون العلم في القيمة الإنسانية، والذين لا يملكونه، بل يتقدَّمُ العلماءُ على الجُهلاءِ عند الناس وعند الله، والله يريد لعباده أن يأخذوا بأسباب العلم، ويتعمَّقوا في أسراره، ليحصلوا على ما يحتاجون إليه من خلاله، سواء كان ما يحتاجون إليه مادياً أم كان ما يحتاجون إليه روحياً، فكما يُنشيء العلم علاقة واعية بينهم وبين الطبيعة، كذلك ينشيء بينهم وبين الله علاقة واعية. ولهذا كانت "قِيْمَةُ كُلِّ امْرِئٍ ما يُحْسِنُهُ" كما جاء في الحديث عن الإمام أمير المؤمنين (ع).

ولمّا كان العلم يحتلُّ تلك المكانة السامية في الحياة الإنسانية، بل كان هو السبب الذي يُشيد الحياة ويبنيها، كان أول ما نزل على قلب الرسول الأعظم محمد (ص) -وهو الرحمة الإلهية المهداة للعالمين- الآيات الأولى من سورة العَلَق الشريفة، الآمِرَةُ بالقراءة والتعلم حيث قال تعالى: "اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴿1﴾ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ ﴿2﴾ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ﴿3﴾ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ﴿4﴾ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ" ﴿5/ العَلَق﴾.

فأن تكون هذه الآيات الشريفات أول ما نزل على قلب خاتم الأنبياء والمرسلين له دلالة عظيمة على مضمون رسالته الشريفة، فهو المبعوث رحمة للعالمين، وقد أُوكِلَت إليه كما إلى من سبقه من الأنبياء والمرسلين بناء الحياة الإنسانية الراقية، والحضارة السامية التي تنتمي إلى الله وتستمدّ منه قيَمَها وقوانينها وهداها، ولما كان بناؤُها مشروطاً بالعلم والمعرفة كان لا بد أن يكون أول ما يخاطبه الله به هذا الخطاب الشريف، والمُلفت أنه وجهه إلى أمور ثلاثة:

الأول: أن يقرأ باسم الله، رب العالمين الذي خلقهم ويديرهم ويدبِّر شؤونهم، فمنه التعليم وإليه يجب أن يقود العلمُ الإنسانَ. 
الثاني: توجيهه إلى التَّفَكُّر في عالم التكوين لفهمه وفهم قوانينه ونُظُمه وحركته التكاملية، من خلال التفكر في خلق الإنسان، وهو أكرم مخلوقات الله تعالى.
الثالث: توجيهه إلى طلب العلم والمعرفة الذَين هيّأَ الله له سبلهما بما أودع في الإنسان من قابليات وطاقات وعلَّمه ما لم ولا يعلم. 

هذه هي الحقيقة الأولى التي تلقّاها قلب رسول الله الشريف من الله تعالى، إنها قاعدة الإيمان الأولى، فالله هو الذي خلق، وهو الذي عَلَّمَ، فمنه البدء والنشأة، ومنه التعليم والمعرفة، والإنسان يتعلَّم ما لم يعلم، ويُعَلِّم ما يعلم، على هذا يجب أن تكون حياته في الأرض، وعلى هذا تستقيم، وبهذا يرتقي في مدارج الكمال الإنساني الذي خُلِق له. 

بقلم الکاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي

تابعونا على شبكات التواصل الاجتماعي:

twitter

facebook

whatsapp

أخبار ذات صلة
captcha