ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّة...

حُسْنُ العِشرة يجتذب القلوب ويؤَلِّفها

10:13 - May 31, 2023
رمز الخبر: 3491381
بيروت ـ إکنا: حُسْنُ العِشرة يجتذب القلوب ويؤَلِّفها، ويؤثِّر في النفوس الكريمة ويهذِّبها، ويُحُوِّل البُغض إلى حُبٍّ، والكراهة إلى مَودَّة، والهِجران إلى صلة، فالقلوب مجبولة على حُبٍ من أحسنَ إليها، والنفوس تهفو إلى من يحترمها ويقدِّرها، والأرواح تسكن إلى من يُحسِنُ العِشرة معها.

رُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "بِحُسْنِ الْعِشْرَةِ تَأْنَسُ الرِّفاقُ".

والعِشْرَةُ لُغةً: المُخالَطة، والمُصاحَبة، والمُعايشة، والمُعاملة. وحُسْنُ العِشرة هي أن يكون الإنسان حَسَنُ المُعامَلة مع من يخالطه ويعايشه، أو يشاركه، أو يلقاه، كالوالدين، والزوجة، والأبناء، والأقرباء، والأصدقاء، والشركاء، وسائر أصناف الناس، فلا يؤذيهم بالفعل ولا بالقول، ولا بما يُستنكَر عقلاً وعُرفاً، وإنما يتعامل معهم بالصبر، واللين، واللُّطف، والرِّفق، والرَّحمة، والمجاملة، والمداراة، والقَول الحَسَن، وأن يعامل كل واحد منهم كما يُحِبُّ هو أن يعامَلَ به.

حُسنُ العشرة، علاقة طيِّبة، وتعامل صادق، وقلب نقي يحب الخير للآخرين، وخُلُق رفيع، وتواصل فعّال، وأدَبٌ في القول والفعل، ووجه باسم، واهتمام ورعاية، وخدمة وإعانة، وحرص ومحبة، ولِينٌ ورحمة، وتواضع وسكون. وهو دليل على كرم الأصل، وسُمُوِّ الأخلاق، ونُبلِ الشِّيَم، وسلامة الصَّدر، ورجاحة العقل. وقد جاء في الحديث عن الإمام الباقر (ع): "مُجامَلَةُ النّاسِ ثُلثُ العَقلِ".

وحُسْنُ العِشرة يجتذب القلوب ويؤَلِّفها، ويؤثِّر في النفوس الكريمة ويهذِّبها، ويُحُوِّل البُغض إلى حُبٍّ، والكراهة إلى مَودَّة، والهِجران إلى صلة، فالقلوب مجبولة على حُبٍ من أحسنَ إليها، والنفوس تهفو إلى من يحترمها ويقدِّرها، والأرواح تسكن إلى من يُحسِنُ العِشرة معها.

ولمّا كان العقل يدعو إلى حُسْنُ العِشرة ويعتبره أمراً حسَناً، وخُلُقاً كريماً فقد حَثَّ الإسلام المسلم الإلتزام بهذا التعامل الكريم مع من يعاشره ويتعامل معه، واعتبر ذلك دليلا على حُسنِ إسلام المَرءِ، فقد رُوِيَ عن رسول الله (ص) أنه قال: "أحسِنْ مُصاحَبَةَ مَن صاحَبَكَ تَكُن مُسلِماً". واعتبر سوء العِشرة من نقص في العقل والدين والإيمان، فقد جاء عن الامام الباقر(ع)أنه قال: "إنَّهُ لَيسَ مِنّا مَن لَم يُحسِنْ صُحبَةَ مَن صَحِبَهُ، ومُرافَقَةَ مَن رَافَقَهُ، ومُمالَحَةَ مَن مالَحَهُ، ومُخالَقَةَ مَن خالَقَهُ". ولعَلَّ أبلغ ما قِيلَ في الحَثِّ عليه ما جاء عن الإمام أمير المؤمنين (ع) إذ قال: "خالِطوا النّاسَ مُخالَطَةً إن مِتُّم مَعَها بَكَوا عَلَيكُم، وإن غِبتُم حَنُّوا إلَيكُم". 

والمِعيار الحقُّ في حُسنِ العِشرة ما قاله (ع) فيما رُوِيَ عنه: "اجعَلْ نَفسَكَ ميزاناً فيما بَينَكَ وبَينَ غَيرِكَ، وأحِبَّ لِغَيرِكَ ما تُحِبُّ لِنَفسِكَ، وَاكرَهْ لَهُ ما تَكرَهُ لَها، لا تَظلِمْ كما لا تُحِبُّ أن تُظلَمَ، وأحسِنْ كما تُحِبُّ أن يُحسَنَ إلَيكَ، واستَقبِحْ لِنَفسِكَ ما تَستَقبِحُهُ مِن غَيرِكَ، وَارضَ مِنَ النّاسِ ما تَرضى‏ لَهُم مِنكَ".

ثُمَّ إنَّ أولى الناسِ بالمعاشرة الطيبة، والتعامل الرحيم، والتواصل الكريم أقرب الناس إلى المَرء، وألصقهم به، وهم أولئك الذين لهم عليه حَقُّ الاحترام والإجلال، ولا يمكنه بحال من الأحوال أن يقطع معهم كعلاقته بوالديه وأخوته وأبنائه، أو يصعب عليه ذلك كعلاقته بزوجه.

وقد أمر الله بحُسنِ العِشرة مع الوالدين والأقرباء واليتامى والمساكين فقال: "لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا..."﴿83/ البقرة﴾. وقال سبحانه: "وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ﴿23﴾ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا"﴿24/ الإسراء﴾.

وأمر بحُسنِ العِشرة مع الزوجة بطِيب القَول، وحُسن الفعل، والتلطُّف معها، وتوسيع النفقة عليها، ودوامِ البِشر، ولِين الجانِب، وتلبية رَغَباتها النفسية والعاطفيَّة والجِنسية، وإدخال السُّرور على قلبها، وحِفظ أسرارها، والذَود عن كرامتها، وعدم رَميها بالعيوب التي تكره أن تُعابَ بها، واجتناب السُّخرية بها والتَّهَكُّم على شكلها، وسَبِّها، ونبزها بالألقاب الفاحشة، ونعتها بأوصاف قبيحة، وضربها، وتكليفها بما لا تطيق، فقال سبحانه: "...وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ..."﴿19/ النساء﴾. 

وأمرَ الإسلام بِحُسنِ العِشرة مع الأولاد، بأن يُعاملهم بلُطفٍ ولِين، وأن يكون رحيماً بهم، عطوفاً عليهم، يهتَمُّ لأمورهم، ويُغذّي عاطفتهم، ويسهر على راحتهم، ويجهد في تعليمهم وتربيتهم. ونهى عن الجَفاء معهم، والقَسوة عليهم ومعاملتهم بِغِلظة، فقد رُوِيَ عن الإمام الصادق (ع) أنه قال: "إنَّ المَرءَ يَحتاجُ في مَنزِلِهِ وعِيالِهِ إلى‏ ثَلاثِ خِلالٍ يَتَكَلَّفُها وإن لَم يَكُن في طَبعِهِ ذلكَ: مُعاشَرَةٍ جَميلَةٍ، وسَعَةٍ بتَقديرٍ، وغَيرَةٍ بتَحَصُّنٍ".

بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي

تابعونا على شبكات التواصل الاجتماعي:

twitter

facebook

whatsapp

أخبار ذات صلة
captcha