وأقيمت الأمسية الثالثة لفعاليات أيام الفجر الثقافية الإيرانية في بيروت، من على مسرح رسالات، كذلك برعاية وزير الثقافة اللبناني القاضي الدكتور محمد وسام المرتضى وحضور المستشار الثقافي للجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان الدكتور عباس خامه يار ونخبة من الإعلاميين والشعراء والأدباء في الوسط الثقافي اللبناني، وكانت أمسيةً من الشعر والموسيقى وفنّ مسرح الظلّ هذه المرّة تحت عنوان "إنما بُعِثتُ" حيث تزامنت مع أجواء المبعث النبوي الشريف وكانت بكل فقراتها تحمل روح الاحتفاء بهذه المناسبة ابتداءً من مقدّم الندوة الشاعر سديف حمادة الذي ابتدأ بكلماتٍ من قصائد الثناء على النبيّ الأكرم(ص).

وقد جمعت الأمسية الشاعر الإيراني الجنوبي علي السالمي والشاعر اللبناني الدكتور إيهاب حمادة، حيث ألقى السالمي بدايةً عدة قصائد من وحي المبعث النبوي، فكانت كلماته في الذبّ عن الرسول (ص):

( نصرة الهدى )
 عابوكَ بعدَ تَفرُّقِ الأَهواءِ                               
أَيُعابُ بدرُ اللَّيلةِ القَمْراءِ
حاشاكَ يا نبضَ النُّفوسِ وروحَها                          
أَنْ تُزْدَرى بمَقولَةٍ عَوْراءِ
حاشاكَ يا لطفَ الوجودِ وماءَهُ                           
ممّا يُعَكِّرُ صَفْوَ ذاكَ الماءِ
ظُلماً تُهانُ بصورةٍ نَكراءَ بلْ                             
همْ عينُ تلكَ الصُّورةِ النَّكراءِ
 
أنتَ الَّذي بكَ تَسْتنِيرُ ذُكاؤُها                           
ولكَ الهدايةُ أَذعَنتْ بِنِداءِ
نورُ النُّبوةِ شَعَّ يَفترسُ الدُّجى                                
لمَّا تَجهَّمَ ساعةَ الهَيْجاءِ
حتَّى أُنيطَ عنِ الحَقيقةِ بُرْقعٌ                              
و تَقَشَّعَتْ بكَ وحشةُ الظَّلماءِ

ثم كان هناك عرض لفنّ مسرح الظلّ قدّمه الفنان الإيراني علي أرغنده بور الذي أبدع في رسم ظلالٍ متحركة بيديه على ستارة مسرح رسالات ثم شكرَ الشعب اللبناني وأعرب عن سروره بهذه المشاركة في هذه المناسبة، وقد لاقت الفقرة إعجابًا واستحسانًا كبيرين بين الحاضرين وطالبوه بتقديم المزيد حيث وعدهم بذلك في المستقبل.

وبعد ذلك اعتلى عازفون من فرقة رودكي الموسيقية المسرح وبدأوا بعزف موسيقى تراثيّة إيرانية أصيلة على أوتار الآلات الموسيقية الفارسية والعربية معًا، فعمّ النغم الفارسي المكان ابتداءً محتفيًا على طريقته بمبعث النبي الأكرم(ص)، وكان جوًا من الألفة والوفاء والمحبة، ثم تزامن العزف مع نشيد "طلع البدر علينا" للمنشد اللبناني محمد محيدلي عن الرسول، فكان اللحنُ والصوتُ مسخّرين في تواشيحَ وقصائد لمدح النبوة والمبعث ذكّرتنا بالمولد النبوي الشريف وأعياد المسلمين، وسادت بذلك أجواء الفرح والبهجة المباركة التي عززتها تفاصيل المسرح والآلات الموسيقية الشرقية الفارسية والمفارش التقليدية وألوان مسرح رسالات وإنارته وكل لمسات الإبداع في المكان الحاضن للأنشطة الثقافية والفنية.

بعد ذلك تولّى الشاعر اللبناني الدكتور إيهاب حمادة مهمّة المديح، فألقى قصائد في مدح رسول الله (ص) زاخرة بالجمال والثناء والبلاغة، استحقّت وصف مسك الختام:

(سدرة المعنى)
وجهي ثمالة ما اشتهى ورقُ
وفمي حدائقُ والهوى حدقُ
وأصابعي مدنٌ وإنّ لها طرقًا
وكلّ يراعةٍ طرقُ
تنأى إليكَ وزرقتا رئتي
في إصبعيكَ الماءُ والحبقُ
ويراودانِ العطر في لغتي
لغتي جِرارٌ حين تندلقُ
عينايَ عاريتانِ ثوبُهما
أفقٌ ويعرى فيهما أفقُ
أغمومتا مطرٍ ولونهما
ضحكت حقولٌ واغتذى رمقُ
أظفورتا شمسٍ سجا بهما
سربا غمامٍ أو سها ألقُ
ظلاهما طفلٌ ويضحكه
صبحٌ يثرثرُ غفوَهُ شفقُ
وسألتُ فارتبكت بمحبرتي
جملٌ صبايا واستوى قلقُ
يا سدرةَ المعنى فما غزل الشعراء
من معنى فقد سرقوا..

هذا ويستمرّ المعرض الفني الحرفي للفنانين الإيرانيين حتى يوم السبت القادم في صالة الجمعية اللبنانية للفنون رسالات.