ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّةٌ...

العدل يعتبر أساساً لمُعظَم الفضائل الأخلاقية

21:47 - May 18, 2023
رمز الخبر: 3491199
بيروت ـ اکنا: يُعتَبَرُ العدل أساساً ومنشأً لمُعظَم الفضائل والصفات الأخلاقية، ولهذا يجب أن تكون العدالة صفة لازمة للإنسان كي يتمكن بواسطتها من التَّحَلِّي بالفضائل الأخلاقية. ويُعَرِّف الفقهاء العَدالة بأنها: مَلَكَة أخلاقية تبعث المرء على ملازمة تقوى الله وخشيته وطلب رضاه والخوف منه.  

ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "بِالْعَدْلِ تَصْلُحُ الْرَّعِيَّةُ".

العَدلُ لغة: خلاف الجَور، وهو القصد في الأمور، وما قام في النفوس أنه مستقيم، والعدل في اصطلاح علماء العقيدة والقانون هو: إعطاء كل ذي حقِّ حقَّه. وقيل هو: استعمال الأمور في مواضعها، وأوقاتها، ووجوهها، ومقاديرها، من غير سرف، ولا تقصير، ولا تقديم، ولا تأخير.
 
العدل كلمة تُدغدغ مشاعر الإنسان، ومفهوم تتطلع إليه النفوس السليمة، والعقول الكاملة، وهي تحكم بحُسنِه، وتدعو إليه، وتعتبره الدِّعامة الأهَم لبناء مجتمع إنساني مستقرٍّ متطور نامٍ راقٍ، فبه تتضاعف الخيرات، وتكثُرُ البركات، وتطمئن النفوس، وتُنالُ الحقوق، وبه تكون الحياة الاجتماعية الآمنة المستقرة الوادعة، قال الإمام أمير المؤمنين (ع): "ما عُمِّرَتِ البُلدانُ بِمِثلِ العَدلِ". 
 
العدل ليس مسألة نظرية وحسب، ولا فكرة جميلة يُنْشَدُ الشِّعر فيها، ولا أُنشودة يتغَنَّى المنشدون بها، بل هو الأساس الذي يجب أن يقوم عليه المجتمع، وعلى أساسه تقوم الدول والحكومات، وعلى أساسه تُبنى الحضارات، وعلى أساسه تقوم علاقة الإنسان بالإنسان، وعلى أساسه تقوم العلاقة بين الحاكم والمحكوم، فلا صلاح لكل ما سبق إلا بالعدل. فإذا وجدنا أزمات اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية أو حتى فكرية فيجب أن نفتش عن العدل المفقود، وعن ابتعاد القائمين على الأمور عن العدل والعدالة.
 
والله سبحانه هو العادل الذي لا يكون منه ظلم، وقد أقام الكون كله على أساسه كما قال رسول الله (ص): "بالْعَدْلِ قَامَتْ السَّماواتُ والأَرْضُ" وهذا ما يُفسِّر انتظام الكون بكل مفرداته وجزئياته، وامتناع الخَلَل فيه، إِذْ كلُّ شيء فيه آخِذٌ حجمه ومكانه الملائمين، وكل يجري وفق تقدير رباني صارم لا يتقدم ولا يتأخَّر. فالعدل هو القانون الذي تدور حول محوره جميع أنظمة الوجود.
 
ولمّا كان المجتمع الإنساني لا يستقرُّ ولا يتطور ولا ينمو إلا إذا قام على أساس العدل في جميع المجالات وعلى مختلف الأصعِدة، ولأن العدل يحتَلُّ هذه المكانة، ولأنه حَسَنٌ بحُكْمِ العقل، فالله سبحانه يأمرنا به، ويدعونا إلى إقامته في حياتنا وتشييدها على أساسه، فيكون ديننا دين العدل، وإيماننا قائماً على العدل، وشريعتنا تراعي العدالة في جميع أحكامها، ونظامنا الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والحقوقي قائماً على العدل، ويكون كل سعي لنا في الحياة يتوخَّى العدل، قال تعالى: "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ"﴿90/ النحل﴾. 

ويُعتَبَرُ العدل أساساً ومنشأً لمُعظَم الفضائل والصفات الأخلاقية، ولهذا يجب أن تكون العدالة صفة لازمة للإنسان كي يتمكن بواسطتها من التَّحَلِّي بالفضائل الأخلاقية. ويُعَرِّف الفقهاء العَدالة بأنها: مَلَكَة أخلاقية تبعث المرء على ملازمة تقوى الله وخشيته وطلب رضاه والخوف منه.  
 
ولا يجب العدل على الحاكم تجاه المحكومين وحسب، ولا على القاضي في فَصْلِه بين المتخاصِمين، بل إن كلَّ إنسان مأمورٌ بإجراء العدل، فكل إنسان يجب أن يعدل في علاقته بربِّه، وبنفسه، ومع الناس، ومع الطبيعة، فَرَبُّ الأسرة يجب أن يعدل في أسرته، والزوج يجب أن يعدل مع زوجه، ورب العمل يجب أن يعدل مع عُمّاله، والمدير يجب أن يعدل مع موظفيه، والقائد يجب أن يعدل مع أنصاره وأتباعه. فإذا أراد كل واحد ممن تقدم ذكره أن يصلح دولته، أو مجتمعه، أو حزبه، أو شركته، أو أسرته، ويضمن لها الاستقامة والاستقرار فعليه أن يتوسل إلى ذلك بالعدل، فيكون هو منهاجه الذي لا يحيد عنه. 
 
بقلم الكاتب والباحث في الدراسات القرآنیة السيد بلال وهبي
 
أخبار ذات صلة
captcha