ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّة...

العقل هو مصدر كلِّ الفضائل

11:36 - May 19, 2023
رمز الخبر: 3491205
بيروت ـ اکنا: العقل هو مصدر كلِّ الفضائل، وينبوع كل خير، منه تنبع الحكمة، وبه يكون الاعتبار والاتعاظ، وهو الداعي إلى الخير والعدل والإنصاف، والحُبِّ والمَودَّة، والرحمة والعطف، والمروءة والشهامة، واحترام الذات وتقديرها، والسعي في تهذيبها وتزكيتها.

ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "بِالْعَقْلِ صَلاحُ الْبَرِيَّةِ".
 
للعقل مكانة سامية، ومرتبة لا تعلوها مرتبة، فهو أول ما خلق الله كما تنصَّ الروايات الشريفة، وعليه مدار التكاليف التي يكلف الله الإنسان بها، وبه يثيبه الله، وبه يعاقبه.

وبه يمتاز عن سائر المخلوقات غير العاقلة، وهو الجزء الأهم في الإنسان، فهو السلطة التي تقوده إلى الخير والسعادة والفلاح، والأداة التي يستعملها لفهم ما يحيط به من كائنات وأنظمة وقوانين، والتعامل معها والإفادة منها، وبه يتفوَّق عليها فيسخرها جميعاً لخدمته، وبه يخترع ويبتكر ويُبدع، وبه يحُلُّ المُعضلات ويواجه الأزمات ويتخطَّى المصاعب وينال المآرب، وبه يتطور ويترقى في معارفه، وقيمه، وأخلاقه، وبه يميز بين الخير والشَّرِّ، وبين الصَّحِّ والخطأ، وبه يُدَبِّرُ أموره ويسوس شؤونه، وبه يعرف الله، وبه يرى جماله وكماله، وبه يُنَزِّهه ويجله عن كل نقص، وبه يقيم علاقة واعية معه.
 
العقل قارئي الكريم مصدر كلِّ الفضائل، وينبوع كل خير، منه تنبع الحكمة، وبه يكون الاعتبار والاتعاظ، وهو الداعي إلى الخير والعدل والإنصاف، والحُبِّ والمَودَّة، والرحمة والعطف، والمروءة والشهامة، واحترام الذات وتقديرها، والسعي في تهذيبها وتزكيتها.

وبه يستقيم على جادَّة الصواب، وبه يقمع هواه الذي قد يحرفه ويُضله ويحول بينه وبين النجاة، وبه يكون فرداً بَنّاءً يبني الدنيا ويبني الآخرة، وبه يصدق في قوله، ويفي بوعده، ويحفظ ما اؤتمن عليه، ويصون العرض والمال والأرض، وبكلمة واحدة: بالعقل يكون الإنسان خيراً، وبه تصلح جميع أحواله فرداً كان أم جماعة، وبدونه يصير سببا أداة للشرور تدمر حياته وحياة سواه من الخلق.

وبالعقل يتجاوز الإنسان عالم الدنيا إلى عالم آخر، وهو الخلود والسلام والأمان، عالم يحصل فيه على جميع رغباته وكمالاته، وبالاستفادة من أوامر العقل ونواهيه يعمل لبناء ذلك العالم وإعماره. 
 
إن ذلك يوجِبُ على الإنسان أن يستعمل عقله، أن يجعله قائداً لنفسه، يوجِّهها ويضع أهدافها، ويخطط لها، ويختار أدواتها وأساليبها، ويشارطها، ويراقبها، ويحاسبها، ويُصلحها، العقل يجب أن يكون حاكماً على جميع تصرفاته ونشاطاته، بل حاكماً حتى على ما يفكر فيه ويرجوه ويتمنّاه، وعلى المَرْءِ أن يخضع له، ويستسلم لأمره، وينصاع لسلطته، حتى يكون العقل هو الذي يوجهه، وينظم حياته، ويضع لها قواعدها وضوابطها، فإذا فعل ذلك صنع العقل منه إنساناً واعياً، مُتَّزناً، منضبطاً، هادفاً حكيماً، يعرف ماذا يريد، وكيف ينجز ما يريد، ومتى يتقدَّم، ومتى يتوقف، فيتحرك وفق معايير عالية، وقِيَمٍ سامية، فيكون خيراً في ذاته، ويتحرَّك نحو الخير في حركته وجميع نشاطاته.   
 
ولما كان العقل يحتل هذه المكانة الكبرى في وجود الإنسان وحياته وحركته، ولما كان صلاحه وصلاح البرية ناتج عن العقل والتعقل، وجب عليه أي على الإنسان أن يطوِّر عقله وينَمِّيه بالتعلُّم والتفكر، والاستفادة من التجارب الإنسانية الكثيرة، ومحاورة العقلاء والعلماء من جهة، ومن جهة ثانية يجب عليه أن يصون عقله مما يضرُّه ويؤذيه ويمنعه من أداء دوره الهام.
 
إن العقل يُصاب بآفات عديدة، ومن أخطر تلك الآفات كما جاء في الروايات الشريفة الكِبرُ والتَّكَبُّرُ، والاستسلام للأهواء والشهوات، وحُبُّ الدنيا والتعلق بها وبزخارفها، ومعاشرة الجَهَلَة والحَمقى ومرضى النفوس، فهذه جميعا تصيب العقل في مقتل، وتمنعه من النشاط وتقمع فاعليته، وكلما اتسعت دائرة تأثيرها في الإنسان اشتدَّ خطرها على العقل، وحدَّت من فاعليته وصولا إلى موته، فترى الإنسان في هذه الحال يتصرف تصرفات هَوْجاء رَعناء عبثية خالية من الحكمة.   
 
بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنیة السيد بلال وهبي
 
أخبار ذات صلة
captcha