ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّة...

نيل الجنة لايمكن الا باحتمال مشاق ومكاره

10:51 - May 29, 2023
رمز الخبر: 3491349
بيروت ـ إکنا: لا يمكن نيل الجنة إلا باحتمال مشاق ومكاره، وهي فعل الطاعات والامتناع عن المُقبّحات، ولا يمكن اجتناب النار إلا بترك الشهوات وهي المعاصي التي تتعلق الشهوة بها.

ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "بِالْمَكارِهِ تُنالُ الْجَنَّةُ".

لماذا تُنالُ الجَنَّة بالمكاره؟!، سؤال مشروع، يسأله كل واحد مِنَّا، وقد يضيف: لماذا لا تُنال بالراحة واليُسر والسهولة؟ أليس قد خلقنا الله للجنة وجعلها ثمناً لأنفسنا كما يقول أمير المؤمنين (ع) فلماذا المكاره إذاً.

الجواب: الحق أن نيل الجنة قد يكون يسيراً سهلاً، وطريقها قد تكون مفروشة بالرياحين والورود والأزاهير، وقد يكون العكس، فيكون نيلها صعباً ويتحقق إن تحقق بعد عناء وتعب ومكابدة، وهذا الاختلاف راجع إلى اختلاف الأشخاص، واختلاف مراتبهم في الإيمان واليقين، واختلاف علاقتهم بالله تعالى قوة وضعفا، واختلاف علاقتهم بالدنيا والآخرة.

فإذا كان المَرءُ من أهل اليقين بالله ووعوده، وكان عارفاً بحقيقة الدنيا والآخرة، وقلبه متعلق بالله وبما عند الله فمن الطبيعي أن ينال الجنة بسهولة ويسر، لأنه لن يفعل فعلاً يحول بينه وبين الحصول على رضى الله والفوز بالجنة، ولن يرى في التكاليف الإلهية مشقة ولا تعباً ولا نصباً، سيكون التزامه بها سهلا يسيراً، بل أكثر من ذلك، سيلتزم بها من حُبٍّ لله وشوقٍ لامتثال أمره، ويقين أن فيما يفعله من واجبات نفع حقيقي له في دنياه وفي آخرته، وأن فيما يجتنبه من محرمات ضرر حقيقي عليه في دنياه وفي آخرته، بل إن هذ الصنف من الناس لا ينتظر الأمر والنهي الإلهيين ليفعل ما يحسُنُ فعله، وليجتنب ما يجب اجتنابه، فهو كما قال الإمام أمير المؤمنين (ع): "مَنْ كَرُمَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ لَمْ يُهِنْهَا بِالْمَعْصِيَةِ" و "مَنْ كَرُمَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ هَانَتْ عَلَيْهِ شَهْوَتُهُ" و "مَنْ كَرُمَتْ نَفْسُهُ صَغُرَتِ الدُّنْيَا فِي عَيْنِهِ".

وعلى العكس منه تماماً ذاك الذي مرتبته أدنى في الإيمان، ولم يرتقِ في إيمانه إلى مرتبة من مراتب اليقين، وعلاقته بالدنيا شديدة، وقلبه متعلق بها، فمن الطبيعي أن يكون طريقه إلى الجَنَّة صعباً ومكلفاً، ومن الطبيعي أن يسلكه متثاقلاً، ومن الطبيعي أن يرى في كل تكليف مشقة كبيرة وكُلفة عالية، فهو يحتاج إلى الكثير من مجاهدة النفس على الطاعات والصبر على ما يشق عليها من أنواع القربات، وكفها عن الشهوات والملذات، فما عند الله لا يُنالُ بالتمني، وإنما ببذل الجهد في الطاعة، والتَّغَلُّب على شهوات النفس، والسيطرة على غرائزها، وحملها على ما يُحِبُّه الله ويرضاه.

وعلى كل حال فإن قوله (ع): "بِالْمَكارِهِ تُنالُ الْجَنَّةُ" كقول رسول الله (ص): "حُفَّتِ الجنَّةُ بالمكارِهِ وحُفَّتِ النَّارُ بالشَّهواتِ".

فالمكاره مُطيفة محدقة بالجنة وهي الطاعات، والشهوات محدقة مستديرة بالنار، وهي المعاصي، وهذا يعني أنك لا يمكنك نيل الجنة إلا باحتمال مشاق ومكاره، وهي فعل الطاعات والامتناع عن المُقبّحات، ولا يمكنك اجتناب النار إلا بترك الشهوات وهي المعاصي التي تتعلق الشهوة بها، فكأن الجنة محفوفة بمكاره تحتاج أن تقتطعها بتكلفها، كمجاهدة النفس في العبادات، والمحافظة عليها، واجتناب المَنهيات، وأُطلِقَ عليها مكاره لمشقتها على العامل، وصعوبتها عليه، والنار محفوفة بملاذ وشهوات تحتاج أن تتركها وتجتنبها. وفي هذا تَحذيرٌ مِن اتِّباعِ الشَّهَواتِ، لأنَّها الطَّريقُ إلى النَّارِ.

بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي

تابعونا على شبكات التواصل الاجتماعي:

twitter

facebook

whatsapp

أخبار ذات صلة
کلمات دلیلیة: جواهر علوية ، نيل الجنة
captcha