ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّة...

الإسلام يرفض الأعمال المُرتَجَلة ويأمر بالتَّدَبُّر في عواقبها

17:33 - May 26, 2023
رمز الخبر: 3491314
بيروت ـ اكنا: الإسلام يرفض الأعمال المُرتَجَلة والمُتَسَرِّعة، ويأمر بالتفكر فيها والتَّدَبُّر في عواقبها ونتائجها، وأن يدرس جميع الاحتمالات والافتراضات، وأن يلحظ الأمر من زواياه المختلفة، كما يأمر بالتخطيط اللازم لها، وإحكامها، وإتقانها، قبل أن يبادر إلى فعلها، لِيَحمي الانسان من الوقوع في الوَرَطات والهَلَكات.

و رُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "بِالنَّظَرِ في الْعَواقِبِ تُؤْمَنُ الْمَعاطِبُ".
 
يشدد الإسلام في حث المسلم على التفكير العميق في نتائج أي عمل أو موقف قبل أن يُقدم عليه، ومعرفة ما يمكن أن تؤول إليه أموره كي لا يكون مُرتَجلاً، وأن يتحلى بالأناة والرَّوِيَّة كي لا يقع في الخطأ والزَّلَل، "فبِالنَّظَرِ في الْعَواقِبِ تُؤْمَنُ الْمَعاطِبُ"، فلا بُدَّ للمَرء من أن يفكر في عواقب الأمر الذي يريد فعله، فإن وجده صائباً فعله، وإن وجده عكس ذلك اجتنبه، كذلك عليه أَلّا يغفل عنه أثناء تنفيذه حذراً من الانحراف عن الصواب والحق. وقد رُوِيَ عن الإمام أمير المؤمنين (ع) أنه قال: "إِذا قَدَّمْتَ الفِكْرَ في جَمِيعِ أَفْعالِكَ حَسُنَتْ عَواقِبُكَ في كُلِّ أَمْرٍ".
 
ورُوِيَ عن الإمام جعفر الصادق (ع) أنه قال: "إِنَّ رَجُلاً أَتى رَسُوْلَ اللهِ (ص) فَقالَ لَهُ: يا رَسولَ اللهِ أَوْصِني، فَقالَ لَهُ: فَهَلْ أَنْتَ مُسْتَوْصٍ إِنْ أَنا أَوْصَيْتُكَ؟ حَتّى قالَ لَهُ ذَلِكَ ثَلاثاً، وَفي كُلِّها يَقولُ الرَّجُلُ: نَعَم يا رَسولَ اللهِ، فَقالَ لَهُ رَسولُ اللهِ (ص): فَإِنّي أُوْصِيْكَ إِذا أَنْتَ هَمَمْتَ بِأَمْرٍ فَتَدَبَّرْ عاقِبَتَهُ، فَإِنْ يَكُ رُشْداً فَأَمْضِهِ، وَإِنْ يَكَ غِيّاً فَانْتَهِ عَنْهُ"*. 
 
وكما ترى قارئي الكريم فإن رسول الله (ص) يقدِّم لنا في هذه الوصية الشريفة منهجاً دقيقاً في التعامل مع الأمور كل الأمور، والمبادرة إليها أو اجتنابها على قاعدة النظر في العواقب قبل الفعل، فإن الأمور، كل الأمور لا يمكننا أن نحكم عليها بالنظر إلى بداياتها بل يجب التدبُّر في نهاياتها ونتائجها وعواقبها، لأن الشيء ربما يكون خيراً في أوله، ولكنه يكون شراً في آخره، وقد يكون العكس.

ولذلك، لا بد للإنسان من أن يتدبر أمره في كل ما يريد القيام به قبل أن يبدأ بالعمل، ليعرف مداخل الأمور ومخارجها، ومصادر الأمور ومواردها، وليعرف النتائج السلبية أو الإيجابية الناجمة عن القيام بهذا العمل أو ذاك. ولا ينحصر هذا الأمر في شأن من الشؤون، بل يعم كل ما يفعله المرء، كما أنه لا يقتصر على الفرد بل يشمل المجتمع كذلك.
 
الإسلام يرفض الأعمال المُرتَجَلة والمُتَسَرِّعة، ويأمر بالتفكر فيها والتَّدَبُّر في عواقبها ونتائجها، وأن يدرس جميع الاحتمالات والافتراضات، وأن يلحظ الأمر من زواياه المختلفة، كما يأمر بالتخطيط اللازم لها، وإحكامها، وإتقانها، قبل أن يبادر إلى فعلها، لِيَحمي الانسان من الوقوع في الوَرَطات والهَلَكات، ولِئَلّا يذهب جهده هباءً منثوراً وهشيماً تذروه الرِّياح، بلا فائدة مادية أو معنوية.
 
ومن الواضح لك قارئي الكريم أن التدبُّر في العواقب، والتفكير العميق في النتائج هو ما يميز العاقل عن الجاهل، والذكي عن الأحمق، والمُتأنّي عن المتسرِّع، فضلا عن دوره الفعّالِ في ترويض النفس وتهذيبها، لأن العقل يصبح هو الحاكم على النفس الأمارة بالسُّوء، المَيّالة إلى العَجَلَة.
 
فالإمام أمير المؤمنين (ع) يقدم لنا وسيلة ناجحة ودقيقة لقراءة العواقب وتحليلها والأمن من الخلل حدوث الخلل فيها، وذلك بالاستناد إلى فهم الأسباب المؤدية إلى ذلك، فإن لكل نتيجة أسبابها، إذ يستحيل أن تحدث دون سبب أحدثها، فمعرفة السبب من جهة، وفهمه من جهة أخرى يُمَكِّن الإنسان من معرفة النتائج، وهذا أمر لا يختلف عليه عاقلان.
 
بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنیة  السيد بلال وهبي

تابعونا على شبكات التواصل الاجتماعي:

twitter

facebook

whatsapp

أخبار ذات صلة
captcha